هرمون كرات الدم الحمراء ، أريثروبيوتين ، كيف ومتي تم أكتشافه؟ وما هى فوائده؟

أحد الهرمونات الهامة جدا والضرورية لاستمرار حياة الإنسان هو هرمون كرات الدم الحمراء ، و يسمى اريثروبويتين. وظيفة الأريثروبيوتين تنشيط إنتاج كرات الدم الحمراء ، بدونه لا يمكن أن ينتج الجسم خلايا الدم الحمراء ، ولك أن  تتخيل ما يحدث للجسم فى هذه الحالة. يقوم هذا الهرمون بتنشيط الخلايا الجذعية التى تتطور وتنقسم علي مراحل ، ينتج عنها فى النهاية خلايا الدم الحمراء التي تدور الي جميع أنحاء الجسم فى داخل الأوعية الدموية. كرات الدم الحمراء تقوم الأوكسجين والمواد الغذائية الى الخلايا ، وتأخذ منها غاز ثاني أوكسيد الكربون والمواد الأخرى الضارة ، لكى يتخلص الجسم منها.

كيف اكتشاف هرمون كرات الدم الحمراء؟

الاكتشافات الطبية التي ننعم حاليا بمنافعها فى الشفاء من الأمراض ، وإنقاذ حياة ملايين من البشر ، لم تأتي من فراغ أو بمحض الصدفة. كل أكتشاف جاء إثر جهود امتدت لعقود من الزمن، وبعد أبحاث ودراسات امتدت لسنين طويلة. ومثل كل أسرار الجسم البشري ، هرمون كرات الدم الحمراء مر بمراحل كثيرة قبل أن نتعرف عليه ونستطيع فهمه بشكل كامل. وكان بمثابة الاكتشاف الذي ساعد في الحد من انتشار مرض قاتل ، وهو مرض الأنيميا الذى يصاحب  الفشل الكلوي.

وقد استفاد ملايين المرضى في جميع أنحاء العالم من الأبحاث التي أجريت على الإريثروبويتين على مدى عقود عديدة. تلك الأبحاث أثمرت عن اكتشاف وتصنيع  إيبوتين –  epoetin ، وهو أحد أكثر الأدوية استخدامًا.  تم تصنيع الإيبوتين من خلال تقنية الحمض النووي ، حيث يتم خلق شكل متطابق تقريبًا من مادة الإريثروبيوتين التى ينتجها الجسم بشكل طبيعي.

حاليا يستخدم الإيبو لعلاج مرض فقر الدم ، وهو نقص في خلايا الدم الحمراء و نقص فى الهيموجلوبين.وكثير يعلم جيدا مرض فقر الدم ، وهو من أشهر الأمراض حول العالم. فقر الدم يسبب أعراضًا مثل الضعف والتعب وضيق التنفس. يعالج Epo هذه الحالة عن طريق محاكاة عمل هرمون الإريثروبويتين ، وتحفيز الجسم على إنتاج المزيد من خلايا الدم الحمراء.  يستفيد منه قطاع كبير من المرضى ، من بينهم مرضى أمراض الكلى المزمنة ، والذين يعانون من فقر الدم بسبب الإيدز أو أى من الاضطرابات الدموية مثل المايلوما المتعددة ومتلازمة الميلو بلاستيك سيندروم. ويستفيد منه أيضا مرضى السرطان الذين يعانون من فقر الدم بسبب تلقي العلاج الكيميائي. 

الداء كان سبب اكتشاف الدواء

بدأت القصة بمرض الأنيميا ، وأحس العلماء بما لديهم من حس طبي ، أنه يوجد شئ ما فى الجسم ربما يؤدى الي الأنيميا. أجروا تجارب علي الحيوانات المصابة بالأنيميا ، لمعرفة هذه المادة المسببة للمرض.

قام باحثان فرنسيان بأخذ عينات دم من حيوانات مصابة بفقر الدم ، وتم حقنها فى حيوانات سليمة. اعتقد العلماء أن الأنيميا تنتج عن مادة فى دم المصاب. توقع الباحثان أن الحيوانات السليمة ستصاب أيضا بفقر الدم بعد حقنها. ولكن وجدا أن البلازما المأخوذة من الأرانب المصابة بفقر الدم والتي تم حقنها في الحيوانات الطبيعية ، تسببت في زيادة إنتاج خلايا الدم الحمراء في غضون ساعات قليلة.

الاستنتاج هو أن الأرانب المصابة بالأنيميا ، ينتحون مادة بكثرة للتغلب علي الأنيميا ، وهي المادة التي تسببت فى زيادة  خلايا الدم الحمراء في الحيوانات الطبيعية. أطلقوا عليها  أسم hemopoietine. بمرور الوقت ، عندما أصبح الباحثون أكثر اقتناعًا بأن نشاط تحفيز خلايا الدم الحمراء هذا ناجم عن بروتين واحد في بلازما الدم ، أطلقوا عليه مجموعة متنوعة من الأسماء (عامل تحفيز الكريات الحمر ، وفي النهاية ، سمي بالاسم المعروف حتى الأن “إرثروبويتين”. كان ذلك فى عام 1900 ميلادية تقريبا.

الفضل يرجع الي الفشل الكلوي

في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ، لاحظ العلماء أن مرض الفشل الكلوي المزمن يعانون دوام من فقر الدم. الاستنتاج كان وجود احتمال وجود علاقة بين مرض الكلي المزمن و مادة الإريثروبيوتين، واحتمال أن مرض الكلي يتسبب فى نقص إنتاج هذه المادة ، كيف؟ هذا كان بداية أبحاث العلماء الأمريكيين.  

من خلال تكرير أو تنقيح عمل العلماء الفرنسيين ، أظهر الأمريكان بشكل قاطع أن هرمونًا يحفز إنتاج الخلايا الحمراء ، وأن الكلى كانت المصدر الأساسي لمادة الإريثروبويتين ، وأن انخفاض الأكسجين كان المحرك الرئيسي لإنتاج إرثروبويتين. 

سرعان ما وجد الباحثون أن مرضى فقر الدم استجابوا عن طريق زيادة مستويات الإريثروبويتين لديهم لتحفيز زيادة إنتاج خلايا الدم الحمراء. المرضى الذين يحتاجون إلى زيادة في خلايا الدم الحمراء من أجل تعويض انخفاض مستويات الأكسجين في الدم (مثل المرضى الذين يعانون من أمراض الرئة أو المرضى الذين يعيشون على ارتفاعات عالية) لديهم أيضًا مستويات مرتفعة من إرثروبويتين.

في الوقت نفسه ، تم تطوير تقنيات أخرى مهدت الطريق الذى تضمن مزيجًا من الهندسة الطبية والجزيئية. في أوائل الستينيات ، ظهر تطوير غسيل الكلى ، وهي طريقة لإزالة الفضلات من الدم عندما تكون الكلى غير قادرة على أداء هذه الوظيفة ، للحفاظ على حياة المرضى الذين يعانون من مرض فشل الكلى. نتيجة لهذا التقدم في العلاج ، كان هؤلاء المرضى قادرين على النجاة من المرض الأساسي ، لكن الكلى التالفة لم تعد قادرة على إنتاج إرثروبويتين ، مما تركهم مصابين بفقر الدم الشديد.

اكتشاف الأيبو ، مماثل هرمون كرات الدم الحمراء ، إريثروبيوتين

في عام 1983 ، اكتشف العلماء ، ولأول مرة ، طريقة لإنتاج مركب مماثل لهرمون الأريثروبيوتين بكميات كبيرة. أجريت تجارب لاختبار سلامة وفعالية الدواء الجديد لعلاج فقر الدم لدى مرضى الفشل الكلوي. كانت نتائج هذه التجارب السريرية المبكرة مذهلة. أصبح المرضى قادرين على زيادة مستويات خلايا الدم الحمراء لديهم إلى ما يقرب من المعدل الطبيعي في غضون أسابيع قليلة من بدء العلاج ، بعدما كانوا يعتمدون على نقل الدم المتكررة.
كان التقارب بين تقنية غسيل الكلى طويل الأمد وتقنية البيولوجيا الجزيئية ، هو الذي مهد الطريق لإدارة فقر الدم عند مرضى. الفشل الكلوي المزمن ، استفاد ملايين المرضى في جميع أنحاء العالم من العلاج الذي سمي  الإيبو.

قصة أكتشاف وتصنيع هرمون الأريثروبيوتين – رسم

المصطلحات الطبية:
– هرمون ايرثروبيوتين = erythropoietin
– عملية أنتاج كرات الدم الحمراء =erythropoiesis
– نقص الأكسجين فى الدم = hypoxia
–  أيبوتين – hgkj[ hgllheg givl,k hGvdev,fd,jdk = Epoetin 

المصادر والمراجع:
– History and Biology of Erythropoietin in Hematopoietic and Non-Neural Tissues
https://link.springer.com/chapter/10.1007%2F978-0-387-30011-5_1
– https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3579209/
– The Story of Erythropoietin
https://www.worldscientific.com/doi/10.1142/9789814289764_0069

1900 1950 1983