الجهاز الهضمى فى الإنسان ، من الناحية التشريحية والفسيولوجية

هل تخيلت مع نفسك ماذا يحدث للطعام الذى تأكله؟ أين يذهب وكيف لذلك الطعام الشهى الذى يسيل له اللعاب ينتهي به الأمر إلى ما هو عليه فى بيت الراحة (الحمام)؟ هل سألت كم من الوقت يستغرق فى رحلته بداية من الفم حتى تصل البقايا الي الشرج؟ وكم من العصارات الهضمية ، وكم من العضلات تعمل فى تناسق واتساق حتى تستخلص ما فى الطعام من مغذيات ، وتمضي بالباقي الي خارج الجسم؟ هل تعلم أن لديك مصنعا متكاملا ، تتم فيه ألاف العمليات الكيمائية والفيزيائية علي طعامك ، وتنظمه ملايين من الألياف العصبية والعديد من الهرمونات والنزيمات والعصارات ، يسمى الجهاز الهضمى.

الجهاز الهضمى فى الإنسان أحد أجهزة الجسم الهامة. وكما نعرف فأن الجسم يتكون من مجموعة من الأجهزة ، التي تتعاون جميعها فى تنفيذ الوظائف الحيوية فى جسم الإنسان ، حيث يقوم كل جهاز بوظيفة متخصصة. الجهاز التنفسى يمد الجسم بالأكسجين ، والجهاز الهضمى يمد الجسم بالغذاء ، والجهاز الكلوى يتخلص من المواد الضارة عن طريق البول ، والجهاز الهرموني يقوم بتنظيم عمل الأجهزة المختلفة عن طريق الهرمونات المختلفة التي يفرزها ، ثم الجهاز العصبي يقوم بالسيطرة وتنظيم عمل كل هذه الأجهزة.

وظيفة الجهاز الهضمي هي تزويد الجسم بما يحتاج اليه من الغذاء كما سبق ، ولذلك تشريحيا جاء تركيبه بطريقة تناسب هذه الوظيفة ، أي يكون فى بدايته مدخل لدخول الطعام ، وفى النهاية مخرج لخروج الفضلات. وما بين المدخل والمخرج ، يتكون من أعضاء وأنسجة تناسب المهام المطلوبة للتعامل مع الطعام و استخلاص المغذيات التي يمكن أن يمررها الي الدم لتصل الي مختلف أنسجة الجسم. الطعام الذى نتناوله ، يتكون من مركبات معقدة من البروتينات والكربوهيدرات والدهون مع مزيج من الفيتامينات والمعادن والألياف والشوائب ، لا يمكن الأستفادة منه إلا بعد مروره بعمليات معقدة ليتم تحويله الي المغذيات الأولية التى يتركب منها ، واستخلاص ما فيه من فيتامينات ومعادن مطلوبة للجسم ، هذه العملية تسمى عملية الهضم. فكيف جاء تركيب الجهاز الهضمى تشريحيا فى أنسب صورة للقيام بوظيفته؟ هذا ما نوضحه فى المقال.

ما هو الجهاز الهضمى؟

 الجهاز الهضمي عبارة عن قناة هضمية وملحقاتها من الغدد.  القناة الهضمية تتكون من سلسلة من الأعضاء المجوفة المتصلة من الفم إلى فتحة الشرج. من الأعلى الي الأسفل ، تتكون القناة الهضمية من: الفم والبلعوم والمريء والمعدة والأمعاء الدقيقة والأمعاء الغليظة ثم تنتهي بفتحة الشرج.

 الأمعاء الدقيقة تتكون من ثلاثة أجزاء ، الجزء الأول يسمى الاثني عشر- duodenum ، ثم الصائم – jejunum – في المنتصف والدقاق –  ileum – في النهاية.  أما الأمعاء الغليظة تتكون من الأعور (الجزء الأول) ، ثم القولون والمستقيم ( نهاية الأمعاء الغليظة).

بالإضافة الي ما تقدم من أعضاء مجوفة ، توجد الغدد وهي أعضاء صماء غير مجوفة ، وتوجد أيضا شبكة من الوصلات العصبية والدموية. الجميع ، (الأعصاب والهرمونات من الغدد والبكتيريا والدم وأعضاء الجهاز الهضمي) ، يعمل معا فى تناسق وتعاون على القيام بمهمة هذا الجهاز، وهى مهمة هضم الأطعمة والسوائل التي نتناولها أو تشربها كل يوم.

الجهاز الهضمى فى الإنسان ، تشريحيا

فى بداية الجهاز الهضمى فى الإنسان ، يوجد المدخل وهو الفم ، و كمدخل أى مصنع ، لابد من فرز ما يمر من خلاله عن طريق حاسة لا تفشل أبدا فى أداء مهامها ، وهى حاسة التذوق. يتم الفرز ولفظ ما لا يقبله الذوق الإنساني. أى أطعمة لها طعم غريب أو رائحة غير مقبولة ، يلفظها الفم ويطردها الي الخارج ، فقد يكون طعاما فاسدا أو به مكونات ضارة. لذلك زود الفم بملايين من براعم التذوق ، (مع خلايا الشم فى الأنف بالقرب من الفم). إذا كان الطعام له رائحة طيبة وطعم شهى ، أرسلت رسائل إلى باقى أعضاء الجهاز الهضمى كي تستعد لاستقبال الطعام القادم.  

والأن بعد أن تم اجتياز أول مقياس من مقاييس الجودة ، يسمح للطعام بالمرور الي المرحلة التالية ، وهي مرحلة المضغ والطحن. مرحلة المضغ والطحن هى مرحلة معقدة تشترك فيها مجموعة من عضلات الفم والفك واللسان مع الغدد اللعابية والأعصاب ، يعملون جميعا فى تكامل وتعاون دقيق زمنيا وحركيا ، لتحويل لقم الطعام الصلبة أو شبه الصلبة الي كتلة من مزيج مطحون ناعم تسمى المضغة.

تركيب الفم بعضلاته واللسان والغدد الموجودة فى الحلق والأعصاب المغذية للمنطقة ، تتعاون جميعها فى تناسق لا يقبل الخطأ ، لأن الخطأ قد يؤدى الي حشر الطعام فى البلعوم واختناق الشخص وربما موته. ولذلك كانت مهمة الفم وشركائه حساسة جدا ، ولابد أن تتم فى تنسيق تام لا يقبل الخطأ ، ولذلك زودها الخالق بما يلزم تشريحيا للقيام بتلك المهام علي أكمل وجه. بعد ذلك تبدأ مرحلة البلع ، ويصل بعدها الطعام الي المعدة مرورا بالمرئ. فى المعده يبدأ العمل الجاد والشاق لتحويل المضغة الي ما يشبه السائل السميك ، الذى يمر تدريجيا الي الأمعاء لتكتمل عمليات الهضم والامتصاص ، وما يتبقى يمر الي الأمعاء الغليظة ليخضع لعمليات فرز وهضم وامتصاص أخيرة قبل أن يرسل الي المستقيم فى انتظار طرده الي الخارج.

فيما يلي نبذة مختصرة عن أجزاء الجهاز الهضمي:

مكونات الجهاز الهضمى فى الإنسان

الفم :

فى الفم يتم مضغ الطعام وتحوله إلى قطع صغيرة جدًا. مضغ الطعام يم بواسطة الأسنان بمساعدة اللسان وإفرازات الغدد الموجودة في الخدين وتحت اللسان ، حيث تفرز اللعاب الذي يغلف الطعام ، مما يسهل عملية المضغ والبلع. ويحتوي اللعاب أيضًا على إنزيمات ( الأميليز) التي تبدأ في هضم الكربوهيدرات. المضغ يحول الطعام الي ما يسمى المضغة.

البلعوم والمريء:

حيث تتم عملية بلع المضغة فى البلعوم ، ثم يصل الي المريء ، وهو عبارة عن أنبوب عضلي ينقل الطعام من الفم إلى المعدة بعد البلع. توجد حلقة من العضلات (صمام) في نهاية المريء (تفصل بين المرئ والمعدة) ، تقو بالارتخاء للسماح للطعام بالدخول إلى المعدة ، وتنقبض لمنع محتويات المعدة الحمضية ، من الرجوع إلى المرئ.

المعدة:

تصل المضغة الي المعدة ، التي تفرز عصير المعدة المكون من حمض الهيدروكلوريك والإنزيمات. يقوم الحمض المركز بتطهير الطعام مما به من ملوثات ضارة ، وأنزيمات عصير المعدة (البيبسين) يقوم بهضم البروتينات. تشبه المعدة الخلاط الخرساني ، حيث تقوم بخلط الطعام مع عصير المعدة لتكوين ناتج يسمى الكيموس – وهو سائل مثل الشوربة ولكنه سميك بعض الشئ ، ويحتوى كل المكونات الغذائية التى كانت فى الطعام. فى نهاية المعدة صمام قوى يسمح بمرور الكيموس من المعدة الي الأمعاء ببطء شديد نقطة بعد نقطة.

الأمعاء الدقيقة:

الامتصاص يتم أغلبه فى الأمعاء الدقيقة (خاصة في الجزء الأول) حيث تفرغ الصفراء من المرارة و الإنزيمات من البنكرياس في الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة. فى هذا الجزء يتم تكسير البروتين إلى مكوناتها الأولية (أحماض أمينية) وتكسير الدهون إلى أحماض دهنية ، إلى جانب السكريات والفيتامينات والمعادن ، التي يمكن حينها (بعد تكسيرها) أن تمتص الي مجرى الدم من خلال جدار الأمعاء الدقيقة. الأمعاء الدقيقة سميت كذلك بسبب صغر القطر (حوالي 3.5 سم) ، ولكن يبلغ طوله حوالي 5 أمتار. هذا الطوبل يسمح بتوفير مساحة كبيرة امتصاص الطعام المهضوم الذي يكتمل في الأمعاء الدقيقة.

الأمعاء الغليظة والشرج:

يصل ما تبقى من الطعام الذى لم يمتص (من ماء وأملاح وفيتامينات وألياف وشوائب) الي الأمعاء الغليظة ، حيث يتم اكتمال امتصاص الماء والأملاح المعدنية والفيتامينات. أما الألياف غير المهضومة تستخدم كغذاء للبكتيريا المفيدة ، التي تقوم بتكسير الألياف وتغذية خلايا جدار الأمعاء الغليظة وبالتالي المساعدة في الحفاظ على صحة الأمعاء الغليظة. ما تبقى بعد ذلك يتم تخزينه  في الجزء الأخير من الأمعاء الغليظة (المستقيم) ، حتى يخرج من الجسم علي شكل براز من فتحة الشرج.

المصادر:
– https://www.intechopen.com/books/salivary-glands-new-approaches-in-diagnostics-and-treatment/secretions-of-human-salivary-gland
– https://www.healthdirect.gov.au/digestive-system
– https://www.niddk.nih.gov/health-information/digestive-diseases/digestive-system-how-it-work
–